ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
*مقال لرؤية الوجه الايجابي لأزمة كورونا ٢٠٢٠.*
في يوم من أيام الحجر الصحي المفروض علينا، كنت في السيارة متجهًا إلى إحدى
القرى القريبه منّا، وبينما كنت أتجاذب أطراف الحديث مع من معي ، إلّا بواحدٍ منهم
يسألني قائلًا: "ما هو المميز بك؟، طوال المدة التي قضيتها معك ومن خلال تعاملي معك
لم أجد أي شيءٍ يميزك عن الآخرين!" قالها بنبرة ساخرة، في بادئ الأمر أخذت أعاتب
نفسي و أكرر في نفسي هذه العبارة، في نفس الوقت أرى من هم في سني قد تخطوني في
إنجازاتهم و طموحاتهم، و أصنع لنفسي أعذارًا لعدم تمكني من بلوغ مستواهم، بعدها
استذكرت عبارة أخرى قد قالها لي أحد آخر :"من لمستحيل أنك لاتملك شيئًا مختلفًا
عن سائر الناس " ،تضاربت الآراء في عقلي! فهل انا شخص مميز أم مجرد شخص
عادي لا طائل منه؟!
إن في حياتي اليومية و من خلال احتكاكي بمختلف الناس أدركت شيئًا وقد تذكرته الآن
وأوضحته لي أزمة كورونا و الحجر الصحي المفروض علينا، ألا وهي أن كل الناس
يمتلكون شيئًا فريدًا في ذاتهم ، ولكن يختلف بينهم الإهتمام بتنمية ذلك الشيء، سواء
أكانت مهارة جسدية أم قدرةً عقلية أو غيرها من الاشياء، وفي الآونة الأخيرة ومن خلال
تصفحي لوسائل التواصل الاجتماعي وجدت أشخاصًا قد استغلّوا هذه الفترة لتنمية
أنفسهم بمختلف الطرق وفي مختلف المجالات ولنا في ذلك أمثلة كثيرة لا يكفي مقالي هذا
لذكرها، وهذا يثبت شيئًا واحدا فقط! يثبت أنه لاشيء قادر على إيقافك من تحقيق
طموحك، كل ما تحتاجه هو رغبة عالية في تحقيقه، وخطة محكمة و واضحة للوصول
إليه، وتنفيذ هذه الخطة بإصرار وصبر، من هذا أنا لا أصور لك أن هذا الطريق سيكون
سهلًا، إنما هو صعب و فيه ما فيه من المشقة والتعب وعقباتٍ ستواجهك، ولكن أؤكد
لك أن لحظة وصولك لهدفك وتحقيقك لطموحك و مبتغاك تستحق كل هذا التعب، ولك
الآن ومع وقت الفراغ الكبير الذي لديك في هذه الفترة فرصة ذهبية قد لا تتكرر،
لاستكشاف نفسك وتطويرها والسعي وراء رغباتك وطموحك! . في حواري مع أحد
زملاء المدرسة و حينما كان يصف لي مهارته في التسلل خارج المدرسة دون أن
يكشف، وقدرته على الإقناع والإفلات من المشاكل، سألته : منذ متى و أنت تقوم بهذه
الأعمال؟ أجابني بنبرة مستغربة وفي نفس الوقت نبرة افتخار : منذ دخولي المدرسة
الإعدادية، أدركت حينها أنه نمّا هذه المهارة لا شعوريًا بنفسه، وتعلم من اخطاءه واليوم
اصبح ما هو عليه، بعيدًا عن أنها مهارة غير أخلاقية نوعًا ما، إلّا أن الهدف من ذكرها
هو إثبات أن كل إنسان قادر على تنمية اي مهارة أو أي قدرة على أي شيء من خلال
الممارسة و عدم الاستسلام إلى أن يصل لحد إتقان هذا الشيء.
في فترتنا الحالية التي نعيشها لقينا من وسائل الإعلام في هذه الفترة كمًا هائلًا من
التخويف والترويع والتهديد والوعيد ومن الأخبار السيئة التي تتمحور حول عدد
الإصابات وعدد الوفيات و الإنهيار الاقتصادي للعالم،ومن الناس المشككين في صحة
الأمر ومنهم من ينشر الإشاعات والآخرين يرمون التوقعات التي لا فائدة منها ولا طائل
من ذكرها، وسط كل هذا أصبح لازمًا علينا أن نريح أنفسنا من كل هذا و أن نحرر
عقولنا ونعطيها حقها من الراحة لأن الفترة الحالية قد استهلكتنا و صحتنا النفسية، لذلك
يجب على كلٍ منا أن ينظر للوجه الإيجابي من هذه الازمة وأن يستغلها بشكل إيجابي
بعيدًا عن الدوامات المخيفة من الأحداث السيئة المنتشرة والتي تكاد تقتلع كل شي أمامها،
ولأننا اكتفينا منها يجب أن نغير نظرتنا و تفكيرنا لهذه الازمة و أن نحاول أن نستفيد منها
خير استفادة لصالح أنفسنا والمجتمع.
بقلم / عمر بن سالم السليمي